ردا على الهجمات التي شنتها عصابة خامنئي على روحاني خلال الأيام الماضية، قام الأخير بالقاء كلمة يوم الخميس مرة أخرى متهكما خامنئي وقوات الحرس.
وأشار روحاني إلى الشرخ الحاصل في قمة النظام إثر «قلة التحمل والتسامح» لدى الزمرة المتنافسة قائلا: «يعتقد البعض أنه يجب أن نصدر أوامر للمواطنين وعلى الناس ان ينفذوا الأوامر،ليس هكذا. الرسول نفسه لم يكن هكذا. والأئمة لم يكونوا هكذا». ولكن روحاني في الوقت نفسه وبهدف تقليل أهمية أقواله بشأن «ولاية الفقيه والحكومة» طلب من الزمرة المتنافسة الإعتراف به مضيفا: «لابد ان تكون الساحة ،ساحة التسامح وقبول الآخر ونعترف ببعضنا البعض».
كما تطرق روحاني إلى هيمنة قوات الحرس على كل اقتصاد البلد قائلا: «كان قسم من الإقتصاد بيد حكومة فاقدة للعدة وتم تسليمه إلى حكومة تمتلك العدة وهذا ليس إقتصادا وخصخصة». وكان روحاني يعطي المزيد من المواصفات لقوات الحرس بمثابة ذراع خامنئي الرئيسية للإستحواذ على أدوات السلطة والنهب كافة قائلا: «كانت حالة خوف من تلك الحكومة التي لا تمتلك العدة لدى المواطنين فما بالك أن يتم تسليم الاقتصاد إلى الحكومة التي بيدها العدة ووسائل الإعلام وتمتلك كل شيء ولا أحد له يتجرأ على القيام بمنافستها».
وبما ان روحاني يحاول أن يوازن هكذا تذمرات بإعلان ولائه إلى الولي الفقيه بين حين و آخر الا ان الولي الفقيه الذي يرى مكانته ضعيفا وحرجا جدا لم يتحمل حتى هذا الكم من أقوال روحاني البسيطة وسرعان ما قام برد فعل غاضب وغير مسبوق عليه حيث اغتنم خامنئي الفرصة للرد من خلال مهزلة ما يسمى بيوم القدس مجلبا مؤيديه بـ«الرمي الحر» إلى مسيرة يوم القدس وهم كانوا يهتفون «الموت للملا الأمريكي!» و«الموت للمنافق!». وبذلك وبعد نقل الصراعات إلى الشارع، وصل الصراع على السلطة في قمة النظام إلى مستويات جديدة.
واذا كان الصراع على السلطة في قمة النظام متسترا مسبقا بالكشف عن ملفات السرقة والنهب بعضهم بعضا أو من خلال ملف النزاع حول وثيقة رقم 2030 للأمم المتحدة الا انه حاليا وصل هذا الصراع إلى النقطة الخطيرة والحساسة للسلطة دون أي تستر وغطاء، لان روحاني يريد المزيد من كعكعة السلطة معتمدا على فوزه في مهزلة الإنتخابات الرئاسية معتبرا نفسه ممثل ومتحدث للغالبية وبما ان الطرف الآخر لا يخضع فقد استهدف روحاني بدجل قلب الإستبداد المذهبي أي الولي الفقيه الذي كان نفسه مروجا منذ البداية وذلك عبر طرح تساؤلات حول الحكومة والولاية والخلاف الدائر بينهما.
ويواجه روحاني محظورية وتناقضا مؤلما جدا في هذا الصراع لانه واع جدا ان لايصب أية خسارة بمبدأ ولاية الفقيه بمثابة عمود خيمة النظام الفاشي الديني الحاكم في إيران حيث هو نفسه جزء منه وفي الوقت نفسه يضطر إلى خوض هكذا مقولات للإحتفاظ على مكانته ولكبح جماح هجمات الطرف الآخر لكي يرغم المتنافس المهاجم الذي لايريد أن يقبل هزيمته في مهزلة الإنتخابات وتسليم جانب من السلطة، على الإنسحاب.
كما واجه خامنئي تناقضا ومحظورا حيث انه يخاف بشدة من فقدان النسيج الإجتماعي الموجود وعلى علم بأن الكشف عن وجود الشرخة في قمة النظام يمكن أن يترتب على النظام تداعيات خطيرة جدا، لانه يحاول أن يحل هذه المعضلة بقدر ما يمكن عن طريق أساليب سلمية ولا أساليب أخرى لذلك في البدء يحاول ان يحذر روحاني من مصير أول رئيس جمهورية للنظام خلال لقائه بمسؤولي النظام والسلطات الثلاث في 13 حزيران/ يونيو الا انه لم يجد نفعا ثم كرر ايصال هذا التحذير عن طريق انتاج وبث فيديو بشأن ملف عزل اول رئيس النظام عن الرئاسة آنذاك حيث كان يتحدث روحاني فيه نفسه عن ضرورة عزله ولكن لم يجد خامنئي نفعا مجددا ثم يتدفق عناصره إلى الشوارع بهتافات «الموت على ...».
وبما ان الصراع على السلطة بين الولي الفقيه ورئيس الجمهورية للنظام له خلفية طويلة حسب الخلافات الهيكلية لنظام ولاية الفقيه الا ان هذا الصراع في الوقت الحاضر وبسبب الظروف المختلفة في المجالات الداخلية والإقليمية والدولية يكتسي أهمية بالغة وحساسة جدا. ويمكن توصيف هذه الظروف الخطيرة بعبارة «تغيير المرحلة». وهو تغيير المرحلة في المنطقة والعالم مع انتهاء «عهد أوباما الذهبي» أو انتهاء سياسة المساومة حيث يعتبر أحد مؤشراته تبني العقوبات على النظام أكثر قسوة وشمولية قبيل الإتفاق النووي بحيث وضع أفقا سيئا أمام النظام بالشلل الإقتصادي التام.
كما ظهر تغيير المرحلة هذا في المجال الإجتماعي من خلال التقدم في حركه المقاضاة حيث كانت حصيلتها ومؤشرها في مهزلة انتخابات النظام، تحميل هزيمة نكراء ومتخاذلة على الولي الفقيه وشطب مرشحه المفضل أي الملا رئيسي الجلاد، وهذه هزيمة اعترف بها خامنئي نفسه بانها «تبديل مكانة الجلاد بالشهيد».
وبذلك يدور الصراع على السلطة بين خامنئي وروحاني ليس في الفراغ بل في أجواء يحضر فيها مجاهدو خلق والمقاومة الإيرانية المنظمة حضورا حاسما. وهذا الحضور الذي جعل الملا أنصاري نائب روحاني في الشؤون الحقوقية ان يقول ان مجاهدي خلق هم الذين كانوا وراء الهتافات ضد روحاني في يوم القدس، لإفهام زمرة خامنئي بانه من هو المستفيد الأول والآخر في هذا الصراع؟
Comments
Post a Comment