Skip to main content

«الحشد الشعبي»... مشروع الولي الفقيه في العراق

د. كريم عبديان بني سعيد

الشرق الاوسط
12/8/2017

بقلم: د. كريم عبديان بني سعيد
ناشط حقوقي ومهتم بقضايا إيران
 
تمدّد الحشد الشعبي إلى المناطق السنية في العراق بسرعة فائقة، وساعد تنظيم داعش إيرانُ وأعوانها في العراق لتفرض أجندتها على معظم المناطق السنية في البلاد. وبعد الانتهاء من «داعش» في الموصل، تتوضح أهداف الولي الفقيه في العراق، وهي استنساخ الحرس الثوري من بطن الحشد الشعبي في بلاد الرافدين، ليصبح العمود الأساسي للنظام السياسي الجديد في العراق، مثلما استحوذ على مقاليد الأمور في إيران بحجة الحرب الإيرانية - العراقية قرابة أربعة عقود في إيران.
ونظراً لما حصل في إيران في ظل حكم العسكر والحرس، على الشعب العراقي أن يعي خطورة المرحلة وما يخطط له الولي الفقيه في العراق، وما يطمح إليه قاسم سليماني في بلادهم، من أجل السيطرة الكاملة على الشعب العراقي ومقدراته. لا شك أن مشروع بقاء هيمنة الحشد الشعبي على القرار السياسي في العراق وشّل بناء الدولة العراقية من خلال استحواذ الميليشيات على المؤسسات هو مشروع إيراني من أجل إخضاع العراق لحكم آيات قم وطهران، وتبعية بلاد الرافدين إلى إيران والانتقاص من استقلالية إرادة الشعب العراقي بكل أطيافه.
وهل يقبل الشعب العراقي بعد كل المعاناة التي عاناها والدماء الطاهرة التي سالت والتضحيات التي قدمت، أن يصبح قراره السياسي بيد هادي العامري أو قيس الخزعلي اللذين ينافقان الولي الفقيه في قم وطهران؟ ومن يقول إن شعب الرافدين وصاحب أولى الحضارات الإنسانية، لا يستطيع بناء مجتمع ودولة ديمقراطية تعدّدية تمثل جميع الأطياف السياسية وتحترم حقوق الإثنيات والطوائف المتعدّدة والمرأة، وتسعى لبناء مواطنة حقيقية بين آحاد الناس؟ المخرج السياسي الوحيد للعراق هو ابتعاد الدولة عن الآيديولوجيات السامة ونزاعات الميليشيات. ومن مصلحة مراجع الدين الشيعة كافة أن تطالب بإبعاد الإسلام السياسي عن مؤسسات الدولة، حتى لا تتكرر مآسي نظام الولي الفقيه في العراق، والمطلوب التحرك بشجاعة تجاه هذا الموضوع من قبل المرجعيات الدينية، مثلما تحركت ودافعت عن العقيدة والإيمان وصيانة النفوس والأعراض والممتلكات وقانون رجل واحد صوت واحد... عليها أن تدافع عن دولة خارج سيطرة رجال الدين والحرس والميليشيات. علينا ألا ننسى أن مشروع الميليشيات الذي جربناه منذ أربعة عقود في إيران، هو مشروع تقويض المجتمع المدني وكبح الحريات بكل أشكالها وحكم الحزب الواحد ومحاكم الثورة ومشانق الساحات العامة وسيطرة المخابرات والباسيج وتفشي الفساد في بنية الاقتصاد الوطني وسيادة المحسوبية وعصابات الاختلاس والرشوة وسجون أصحاب الفكر والصحافيين وانتشار الدعارة وبنات الهوى، في ظل نظام فاشي - شوفيني لا يقبل النقد وعنوانه «حكم الولي الفقيه المطلق».
وأريد أن أؤكد ومن باب الذكر لعلماء ومراجع الشعة العظام، أن هناك شعباً شيعياً مضطهداً من قبل نظام الولي الفقيه في الأهواز جنوب إيران، تُسحق حقوقه يومياً ويُقمع أبناؤه على مدار الساعة، وتُصادر أراضيه قسراً، ولكن لم نسمع صوتاً ولو مرة واحدة، تناديه وتتضامن معه المراجع الدينية!
إيران في الوقت الراهن تبذل أموالاً هائلة من أجل ترويج الحشد وتمهيد طريقه لكسب المراكز السياسية اللازمة في المستقبل القريب، ومن أهمها الفوز في الانتخابات البرلمانية القادمة. ما تريده إيران خلق أجواء ميليشياوية عشية الانتخابات وإيصال موالين للحشد إلى البرلمان في ظل هذه الأجواء المصطنعة. وإيران تحاصر العراق الآن من ثلاث جهات؛ الشرقية والغربية والجنوبية، وتريد أن تقلب الأمور على الشعب العراقي من الداخل ومن خلال تحرك الميليشيات التابعة لها والسياسيين الموالين لها. ورأينا في الأيام الأخيرة تصريحاً تمويهياً من نوري المالكي يدعو روسيا إلى المشاركة العسكرية في العراق حتى يصبح العراق أرضاً منتدباً عليها مجموعة من الدول، وفي المقدمة نظام آيات طهران. وهذه دعوة رسمية إلى إيران لتبقى عسكرياً في العراق متى تشاء بعد أن ملأ وجودها أرض الرافدين بصورة غير شرعية وغير رسمية، ويتحرك سليماني حسب هواه في كل نقطة في العراق، ويحضر اجتماعات الدولة العراقية ويلقي أوامره على المسؤولين العراقيين!
وهنا يأتي دور المرجعية التي أفتت بتشكيلة الحشد الشعبي لمناهضة «الدولة الإسلامية» المزعومة، وبعد تحرير الموصل وتفكك تنظيم داعش في العراق، على المرجعية أن تتخذ موقفاً من تدخلات إيران والدفاع عن السيادة العراقية ومؤسسات الدولة وإفتاء بحلّ ميليشيات الحشد الشعبي وتوحيد القوات العسكرية العراقية تحت راية الجيش، والتأكيد على حق الجيش الحصري بامتلاك السلاح. إصرار قاسم سليماني على إبقاء السلاح بيد الحشد الشعبي على غرار «حزب الله» اللبناني، ليس تدخلاً سافراً في شؤون العراق الداخلية فحسب، بل انتهاك فظيع للدستور العراقي وما يطمح به الشعب لبناء الدولة العراقية الجديدة.
وفقاً لما كتبته جريدة «شرق» الإيرانية، فإن 41 فصيلاً من الحشد الشعبي تمتثل لأوامر قاسم سليماني والولي الفقيه في إيران، وتزيد أعدادهم على 100 ألف عنصر، ويتلقون رواتب عالية بالمقارنة مع عناصر من الجيش العراقي، تتراوح بين 800 و1400 دولار شهرياً. وفي سياق الميزانية، ما يهدف له قاسم سليماني في حال فرض الحشد الشعبي على الدولة العراقية، هو أن الدولة العراقية تتكلف بتسليم رواتب ميليشيات الحشد بينما قيادة الحشد لا تتبع أوامر المسؤولين العراقيين!
إيران صنعت «داعش» من أجل ما تقوله الآن، ويتلخص بجملة واحدة: العراق يعني الحشد والحشد يعني العراق!
من منظور الدعاية الإيرانية لا شيء خارج هذه العبارة «الحشد هو الذي دافع عن العراق وهو الذي حرّر الموصل وهو الذي باق في العراق». وأبعد من ذلك، إيران تطمح لتقول إن الحشد هو التاريخ والحاضر والمستقبل، وتفسر للشارع الإيراني من أجل إغرائه بالمصالح اللاحقة أن «الحشد هو إيران»، وما خططت له القيادة الإيرانية منذ زمن بعيد للاستحواذ على الشرق الأوسط من بحر قزوين إلى البحر المتوسط.

Comments

Popular posts from this blog

Iran-Back Hezbollah Controls LebanonTerrorism

Iran-Back Hezbollah Controls LebanonTerrorism 21 February 2018 Iran Focus London, 21 Feb - In recent years, when the US has made statements against Iran-backed Hezbollah, they have often followed this up with support for the Lebanese army and security forces, but it is becoming increasingly clear that there is little, if any, distinction between the Lebanese state and the Iran-backed terrorist group. When US Secretary of State Rex Tillerson arrived in Beirut, last Thursday, Hezbollah had created two new problems with Israel: a southern border wall and the debates over oil and gas extraction. This caused Tillerson to make the US position on Hezbollah very clear. Hezbollah is a terrorist organisation with no difference between its military and political wings. He advised that Hezbollah and Iran were creating tensions in the region in order to destabilise the Middle East. Iran seeks the destruction to distract others from its own problems, both domestic and international. It not only ta...
Iran-Backed Hezbollah Accuses Saudi Arabia of Arresting Lebanon Prime Minister10 November 2017 Iran Focus London, 10 Nov - The Secretary-General of the Iran-backed Hezbollah terrorist group is blaming Saudi Arabia for the shock resignation of Lebanese Prime Minister Saad al-Hariri this weekend with no actual evidence to back up his claims. Hassan Nasrallah claimed that Hariri has been arrested in Riyadh, even claiming to be seriously worried about Hariri’s safety and calling upon Saudi Arabia to “give us back our prime minister”. This is, of course, designed to detract attention from the reasons that Hariri actually gave for his resignation in a speech on Saturday from Saudi Arabia. Hariri said that he feared that the Iranian Regime and Hezbollah were going to assassinate him, as they did to his father in 2005, when under the orders of Mustafa Badr al-Din.
REGIME IS SCARED OF THE MEK’S POPULARITY IN IRAN Created: 25 January 2018 Iran Maryam Rajavi NCRI PMOI/MEK Protests United States Inside Iran IRGC Demonstration People of Iran Maryam Rajavi's poster hanged in Tehran Make no mistake, the Iranian Regime is absolutely terrified of not just the Iranian people, but also the People’s Mojahedin Organization of Iran (MEK). This fear can be seen in the pro-regime protests that the mullahs organized, where paid protesters held signs like “Green Movement is supporter of Rajavi”, and in the many comments from Regime leaders themselves. It seems like even the Iranian Regime is being forced to admit that the Iranian Resistance is incredibly popular amongst the Iranian people. In early January, Supreme Leder Ali Khamenei said that the protest had been organized by the MEK months ago. He was trying to imply that the Iranian people had been manipulated by enemies of the Regime- apparently forgetting that the Iranian people are enemies of the Regim...